7-2-2 التأثيرات الإجمالية

مع حدوث زيادة صغيرة في درجة الحرارة، يمكن لتأثيرات قطاع السوق الإجمالية أن تقدر بنسبة مئوية قليلة بالزائد أو بالناقص من الناتج المحلي الإجمالي (ثقة متوسطة)، ويمكن للتأثيرات غير السوقية الإجمالية أن تكون سلبية (ثقة منخفضة). أما التأثيرات الخالصة الصغيرة فهي أساساً نتيجة لأن الاقتصادات المتقدمة، وكثير منها يمكن أن تكون له تأثيرات إيجابية، يمثل إسهامها غالبية الإنتاج العالمي. بيد أنه باستعمال ثقل أكبر للتأثيرات في البلدان الأفقر لتعكس شواغل الإنصاف، يمكن أن ينجم عن ذلك تأثيرات إجمالية خالصة تعتبر سلبية حتى مع احترار متوسط. ومن الممكن أيضاً أن تتأثر غالبية الناس تأثيراً سلبياً بسيناريوهات تغير المناخ في هذا النطاق، حتى لو كان التأثير المالي الإجمالي الخالص إيجابيأ. ومع حدوث زيادات متوسطة إلى عالية في درجات الحرارة، تميل المنافع إلى النقصان وتميل الأضرار إلى الزيادة، ولهذا يصبح صافي التغيير في الرفاه الاقتصادي العالمي سلبياً، وسلبيا بدرجة متزايدة مع زيادة الاحترار (ثقة متوسطة). ويمكن أن تكون لبعض القطاعات، مثل الموارد الساحلية والمائية، تأثيرات سلبية في البلدان المتقدمة والبلدان النامية. ويمكن أن ت!ون لقطاعات أخرى مثل الزراعة وصحة الإنسان، تأثيرات إيجابية في بعض البلدان وتأثيرات سلبية خالصة في بلدان أخرى. [الفقرة 19-5]

وتعتبر النتائج حساسة للافتراضات بشأن التغيرات في المناخ على المستوى الإقليمي، ومستويات التنمية والقدرة على التكيف، ومعدلات التغير وتقدير قيمة التأثيرات، والأساليب المستخدمة لتجميع الخسائر والمكاسب، بما في ذلك اختيار سعر الخصم. وعلاوة على ذلك، لم تأخذ هذه الدراسات في الاعتبار العوامل التي قد تكون هامة مثل التغييرات في الظواهر المتطرفة، والاستجابات النافعة التكميلية لخطر الظواهر المتطرفة التي أحدثتها عوامل غير المناخ، والتغير السريع في المناخ الإقليمي (على سبيل المثال، الناتج من تغيرات في دوران المحيط)، والآثار المركبة للإجهادات المتعددة، أو رد الفعل المتعارض أو التكميلي لتلك الإجهادات. ولأن العوامل هذه مازال يتعين تعليلها في تقديرات التأثيرات الإجمالية ولأن التقديرات لا تشمل جميع الفئات الممكنة للتأثيرات، وخصوصاً التأثيرات غير السوقية، فإن التقديرات الخاصة بالتأثيرات الإجمالية لتغير المناخ على الرفاه الاقتصادي تعتبر غير مكتملة. ونظراً لأوجه عدم اليقين التي تكتنف التقديرات الإجمالية، فلا يمكن استبعاد إمكانية الآثار السلبية عند حدوث زيادة صغيرة في درجة الحرارة. [الفقرة 19-5]

7-2-3 تأثيرات التوزيع

تميل البلدان النامية إلى أن تكون أسرع تأثراً بالتغير المناخي من البلدان المتقدمة (ثقة عالية). ومن المتوقع أن تعاني البلدان النامية من تأثيرات ضارة أكثر من البلدان المتقدمة (ثقة متوسطة). فحدوث زيادة صغيرة في درجة الحرارة ست!ون له تأثيرات سلبية خالصة على قطاعات الأسواق في كثير من البلدان النامية (ثقة متوسطة) وتأثيرات إيجابية خالصة في قطاعات الأسواق في كثير من البلدان المتقدمة (ثقة متوسطة). وتعزى النتائج المختلفة إلى حد ما إلى الاختلافات في نواحي التعرض والحساسيات (على سبيل المثال، درجات الحرارة الحالية أقل من الوضع الأمثل في المناطق ذات خطوط العرض الوسطى وال واقعة قرب القطب الشمالي بالنسبة لكثير من المحاصيل، ولكن عند الحد الأمثل في المناطق ذات خطوط العرض المنخفضة) كما تعزى النتائج المختلفة إلى حد ما إلى قدرة أقل على التكيف في البلدان النامية بالقياس إلى البلدان المتقدمة. وعند حدوث زيادة متوسطة في درجة الحرارة، تبدأ التأثيرات الإيجابية الخالصة في التحول إلى تأثيرات سلبية، وتتفاقم التأثيرات السلبية (ثقة عالية). ونتائج هذه الدراسات لا تأخذ في الاعتبار تماماً التأثيرات غير السوقية لتغير المناخ مثل التأثيرات في النظم الطبيعية التي قد تكون حساسة لمقادير صغيرة من الاحترار. والمناطق سريعة التأثر بشكل خاص تشمل مناطق الدلتا، والدول الجزرية الصغيرة الواطئة وكثير من المناطق القاحلة حيث تكون موجات الجفاف وتوافر الماء مثيرة للإشكال حتى بدون تغير المناخ. وفي داخل المناطق أو البلدان من المتوقع أن تكون التأثيرات على أشدها من الناحية النسبية على المعوزين. ويمكن الاستدلال بأن أفقر أفراد المجتمع هم الأسرع تأثراً بالتغير المناخي بسبب افتقارهم للموارد التي يمكن بها مواجهة التأثيرات والتكيف معها، بيد أن بضع دراسات قد محصت بشكل صريح توزع التأثيرات على الفقراء بالنسبة لشرائح أخرى في المجتمع. [الفقرة 19-4]

ويحتمل أن تزداد بمرور الوقت شدة التأثيرات على النظم غير المدارة، بيد أن التأثيرات على النظم المدارة يمكن أن تزداد أو تنقص خلال القرن الحادي والعشرين. ويتأثر توزيع التأثيرات على مدى القرن الحادي والعشرين بعدة عوامل. فمع زيادة تركيزات غازات الدفيئة سوف تزداد أيضاً جسامة التعرض للتغيير في المحفزات المناخية. كما أن الضغوط غير المناخية على النظم الطبيعية والاجتماعية التي تعمل على زيادة سرعة تأثر الأنظمة سوف تزيد بمرور الوقت نتيجة لنمو السكان وتزايد المطالب على الأراضي والمياه والبنية الأساسية العامة وعلى الموارد الأخرى. وتزايد السكان والإيرادات والثروة يعني أيضاً أن المزيد من البشر والموارد الإنسانية قد يتعرض لتغير المناخ، وهذا قد يميل إلى زيادة أضرار قطاعات الأس!واق بالأرقام المطلقة بالدولار" وقد كانت هذه هي الحالة من الناحية التاريخية. وفي مجابهة هذه الاتجاهات هناك عوامل مثل تزايد الثروة والتكنولوجيا وتحسين المؤسسات، التي يمكن أن تزيد القدرة على التكيف وتقلل سرعة التأثر بتغير المناخ. [الفقرتان 8، 19-4]

وسواء ازدادت التأثيرات وسرعة التأثر أو نقصت بمرور الوقت فإن هذا قد يتوقف جزئياً على معدلات تغير المناخ والتنمية وقد يختلف بالنسبة للنظم المدارة وغير المدارة. وكلما أسرع معدل التغير المناخي كان التعرض أكبر في المستقبل للتغييرات التي يحتمل أن تكون ضارة وكان الاحتمال أكبر في تجاوز حدود عتبات النظم. وكلما أسرع معدل التنمية، تعرضت الموارد أكثر للتغير المناخي في المستقبل- ولكن هذا يحدث أيضاً لقدرة المجتمعات على التكيف في المستقبل. ويحتمل أن تكون الفوائد الناجمة عن زيادة القدرة على التكيف أكبر بالنسبة للنظم المدارة بشكل مكثف من النظم التي هي في الوقت الحاضر غير مدارة أو مدارة بشكل بسيط. ولهذا السبب ولاحتمال زيادة الضغوط غير المناخية على النظم الطبيعية في المستقبل، فمن المتوقع أن تزداد سرعة تأثر النظم الطبيعية بمرور الزمن (ثقة متوسطة). [الفقرتان 19-4-2، 19-4-3]

إن مسارات التنمية في المستقبل سواء كانت مستدامة أو غير ذلك سوف تشكل سرعة التأثر بتغير المناخ في المستقبل، وقد تمس تأثيرات التغير المناخي التوقعات المرتقبة للتنمية المستدامة في مختلف أنحاء العالم. فالتغير المناخي واحد من إجهادات كثيرة تواجه النظم البشرية والطبيعية. وسوف تتحدد شدة كثير من هذه الإجهادات، إلى حد ما بمسارات التنمية التي تتبعها المجتمعات البشرية" أما المسارات التي تسبب إجهادات أقل فمن المتوقع أن تقلل سرعة تأثر النظم البشرية والطبيعية بتغير المناخ. ويمكن للتنمية أيضاً أن تؤثر على سرعة التأثر في المستقبل بتعزيز القدرة على التكيف عن طريق تراكم الثروة والتكنولوجيا والمعلومات والمهارات والبنية الأساسية المناسبة، وتنمية المؤسسات الفعالة" وتعزيز الإنصاف " ويمكن لتأثيرات التغير المناخي أن تؤثر على التوقعات المرتقبة للتنمية المستدامة بتغيير القدرة على إنتاج الأغذية والألياف، وإمدادات المياه ونوعيتها، وصحة الإنسان، وعن طريق تحويل الموارد المالية والبشرية إلى عملية التكيف. [الفقرة 18]