تغير المناخ 2001: الأساس العلمي

تقارير أخرى في هذه المجموعة

ألف- مقدمة

ألف-1 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وأفرقة العمل التابعة لها

أنشئت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بواسطة منظمة الأرصاد الجوية العالمية وبرنامج الأهم المتحدة للبيئة عام 1988. وكان الهدف، ومازال، هو توفير تقييم لفهم جميع الجوانب المتعلقة بتغير المناخ1, بما في ذلك الكيفية التي يمكن بها للأنشطة البشرية أن تحدث هذه التغييرات وأن تتأثر بها. وقد أصبح من المسلم به على نطاق واسع أن انبعاثات غازات الدفيئة الناشئة عن مؤثرات بشرية تنطوي على إمكانيات تغيير النظام المناخي (انظر الإطار 1), مع ما قد يرتبط بذلك من تأثيرات ضارة أو نافعة. كما جرى التسليم بأن معالجة هذه القضايا العالمية تتطلب منظمة على مستوى عالمي بما في ذلك تقييم لفهم القضية من خلال دوائر خبراء عالمية.

نظمت الهيئة الحكومية الدولية خلال دورتها الأولى في ثلاثة أفرقة عاملة. والاختصاصات الحالية للأفرقة العاملة هي تولي الفريق العامل الأول معالجة الجوانب العلمية للنظام المناخي وتغير المناخ. ويعالج الفريق العامل الثاني تأثيرات تغير المناخ وعمليات التكيف معها، ويعالج الفريق العامل الثالث الخيارات ذات الصلة بالتخفيف من تغير المناخ. وقدمت الهيئة الحكومية الدولية أول تقرير تقييم رئيسي لها عام 1990 وثاني تقرير رئيسي لها عام 1996.

وتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (1) تحديث أوصاف العناصر المعروفة وغير المعروفة في النظام المناخي وما يتصل بذلك من عوامل، (2) تستند إلى معارف دوائر الخبراء الدولية و (3) تعد بواسطة عملية مهنية مفتوحة تخضع لمراجعة خبراء نظراء، و (4) تستند إلى المنشورات العلمية التي توجز نتائجها بأسلوب يفيد واضعي السياسات. وفي حين أن المعلومات الخاضعة للتقييم تتصل بالسياسات، فإن الهيئة الحكومية الدولية لا تحدد سياسات عامة أو تدعو لها.

ويشمل نطاق عمليات التقييم التي يجريها الفريق العامل الأول رصدات للتغيرات الحالية والاتجاهات في النظام المناخي، وإعادة تشكيل التغييرات والاتجاهات السابقة، وفهم العمليات التي تنطوي عليها هذه التغييرات، وإدراج هذه المعارف في نماذج يمكن أن تعزو أسباب التغييرات وأن تقدم محاكاة للتغييرات المستقبلية في النظام المناخي الطبيعية منها والبشرية الاستحثاث.

الإطار أ: ما الذي يدفع بالتغييرات في المناخ

تمتص الأرض الإشعاعات القادمة من الشمس وذلك أساسا عند السطح. ثم تعيد الدورانات في الغلاف الجوي والمحيطات توزيع هذه الطاقة وبثها من جديد في الفضاء بأطوال موجات أطول (تحت الحمراء). وبالنسبة للمتوسط السنوي، والأرض بأسرها، تتوازن طاقة الإشعاع الشمسي القادمة بصورة تقريبية مع الإشعاع الأرضي الخارج منها. ويمكن أن يؤثر في المناخ أي عامل يغير من إعادة توزيع الطاقة داخل الغلاف الجوي وفيما بين الغلاف الجوي واليابسة والمحيطات. ويطلق على أي تغيير في الطاقة الإشعاعية الصافية المتوافرة لنظام الغلاف الجوي للأرض في العالم هنا وفي التقريرين السابقين للهيئة الحكومية الدولية التأثير الإشعاعي. وتميل التأثيرات الإشعاعية الموجبة إلى رفع درجة حرارة سطح الأرض وخفض الغلاف الجوي أما التأثيرات الإشعاعية السالبة فتميل إلى تبريدها.

وسوف تؤدي زيادة التركيزات في غازات الدفيئة إلى الحد من الكفاءة التي يصدر بها سطح الأرض الإشعاعات إلى الفضاء. ويمتص الغلاف الجوي الكثير من الإشعاع الأرضي الخارج من سطح الأرض، ويعيد بثه إلى الارتفاعات الأعلى ودرجات الحرارة المنخفضة. ويؤدى ذلك إلى تأثيرات إشعاعية موجبة تميل إلى رفع درجة الحرارة المنخفضة للغلاف الجوي. وسطح الأرض ونظرا لانخفاض كمية الحرارة التي تتسرب إلى الفضاء، وهو ما يرف بزيادة تأثيرات الدفيئة، أى زيادة التأثير الذي يعمل في الغلاف الجوي للأرض منذ بلايين السنين نتيجة لوجود غازات الدفيئة التي تحدث بصورة طبيعية: بخار الماء، ثاني أكسيد الكربون والأوزون والميثان وأكسيد النتروز. وتتوقف كمية التأثير الإشعاعي على حجم الزيادة في تركيز غازات الدفيئة، والخصائص الإشعاعية للغازات المعنية، وتركيز غازات الدفيئة الأخرى الموجودة بالفعل في الغلاف الجوي. وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من غازات الدفيئة يستقر في الغلاف الجوي لقرون عديدة بعد تصديره من الأرض ومن ثم ينتج إسهاما طويل الأجل في التأثير الإشعاعي الموجب.

ويمكن للهباء البشري المنشأ (الجزيئات الدقيقة التي يحملها الهواء أو القطيران) في طبقة التروبوسفير مثل تلك المستمدة من الوقود الأحفوري وحرق الكتلة الاحيائية أن يعكس الإشعاع الشمسي مما يؤدي إلى اتجاه تبريدي في النظام المناخي. ونظرا لأن هباء الكربون الأسود (السناج) يستطيع امتصاص الإشعاع الشمسي، فإنه يرفع من درجة حرارة النظام المناخي. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي التغييرات في تركيز الهباء إلى تغيير كمية السحب، وانعكاسية السحاب من خلال تأثيراتها على خصائص السحب وعمرها. وفى معظم الحالات، يميل الهباء التروبوسفيري إلى إنتاج تأثير إشعاعي سالب ويؤدي إلى تبريد المناخ.

Vغير أن عمرها أقصر بكثير (أيام إلى أسابيع) من معظم غازات الدفيئة (عقود أو قرون)، والنتيجة هي أن تركيزاتها تستجيب بسرعة أكبر بكثير من التغييرات في الانبعاثات.

ويمكن للنشاط البركاني أن يحقن كميات كبيرة من الغازات المحتوية على الكبريت (أكسيد الكبريت أساسا) في طبقة الستراتوسفير حيث تتحول إلى هباء كبريتي. ويمكن أن تؤدي ثورات البراكين المختلفة إلى قدر كبير من التأثيرات الإشعاعية السالبة وان كانت مؤقتة تميل إلى تبريد سطح الأرض وخفض ر الغلاف الجوي على فترات من سنوات قليلة.

ويتباين إنتاج الشمس من الطاقة بنسبة صغيرة (1،.%) على مدى دورة تستغرق 11 عاما، وعلاوة على ذلك، قد تحدث الفروق عبر فترات طويلة. وعلى أساس نطاق زمني يمتد من عشرات إلى آلاف السنين، أدت الفروق البطيئة في مجال الأرض، والتي تخضع لفهم معتدل، إلى تغييرات في التوزيع الموسمي وعلى خطوط العرض للإشعاع الشمسي. وقد اضطلعت هذه التغييرات بدور هام في التحكم في التباينات في المناخ في الماضي السحيق مثل دورتي الجليد ومرحلة ما بين عمرين جليديين.

وعندما يتغير التأثير الإشعاعي، يستجيب النظام المناخي على فترات زمنية مختلفة. ويرجع أطولها إلى القدرة الحرارية الكبيرة للمحيطات العميقة والتكيف الدينامي لصفحات الجليد. ويعني ذلك أن الاستجابة المؤقتة للتغيير (سواء موجبة أو سالبة) قد تستمر لآلاف السنين. وسوف تؤدي أية تغييرات في التوازن الإشعاعي للأرض، بما في ذلك تلك التي تعزى إلى زيادة في غازات الدفيئة أو في الهباء إلى تغيير الدور الهيدروليكي للعالم والدوران في الغلاف الجوي والمحيطات ومن ثم التأثير في أنماط الطقس ودرجات الحرارة والتهطال الإقليمية. وسوف تدرج أية تغييرات مستحثة من أنشطة بشرية في المناخ في خلفية التغييرات المناخية الطبيعية التي تحدث في مجموعة كاملة من الأوقات والأماكن. ويمكن أن تحدث تقلبية المناخ نتيجة للتغيرات الطبيعية في تأثيرات النظام المناخي مثل التباينات في قوة الإشعاعات الشمسية القادمة، والتغييرات في تركيزات الهباء الناشئة عن ثورات البراكين. كما يمكن أن تحدث التباينات المناخية الطبيعية في عدم وجود تغيير في التأثير الخارجي نتيجة للتفاعلات المعقدة بين عناصر النظام المناخي مثل الربط بين الغلاف الجوي والمحيطات. فظاهرة التذبذبات الجنوبية ذات الصلة بظاهرة النينيو مثال على هذه التقلبية "الداخلية" الطبيعية على فترات زمنية متعددة السنوات. ومن الضروري، للتمييز بين التغييرات المناخية البشرية المنشأ والتباينات الطبيعية تحديد "العلامة" البشرية المنشأ مقابل خلفية "ضوضاء" التقلبية المناخية الطبيعية.


ألف-2        تقريرا التقييم الأول و الثاني للفريق العامل الأول

وصف الفريق العامل الأول بصورة عامة، في أول تقرير للتقييم عام 1990، حالة فهم النظام المناخي وتغير المناخ التي تحققت خلال العقود السابقة من البحث. وجرى تأكيد العديد من النقاط الرئيسية. فتأثيرات الدفيئة مظهر طبيعي في الكوكب، وأسسه الفيزيائية الجوهرية مفهومة بدرجة جيدة. وكانت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي في ازدياد، نتيجة للأنشطة البشرية بالدرجة الأولى. ويتوقع أن يؤدي النمو المستمر في المستقبل في انبعاثات غازات الدفيئة إلى زيادة كبيرة في متوسط درجات الحرارة السطحية في الكوكب، وهي زيادة ستتجاوز الفروق الطبيعية التي حدثت في آلاف السنين الماضية والتي لا يمكن عكس مسارها إلا ببطء. وقد شهد القرن الماضي، في ذلك الوقت، احترار سطح اليابسة بما يقرب من 0.5 درجة مئوية. وهو ما يتسق بصورة عامة مع توقعات النماذج المناخية للزيادة في غازات الدفيئة، وما يتماثل أيضا مع ما كان معروفا في ذلك الوقت عن الفروق الطبيعية. وأخيرا، أشير إلى أن المستوى الحالي للفهم وقدرات النماذج المناخية المتوافرة كانت تحد من توقعات التغييرات في مناخ مناطق معينة.

واستنادا إلى نتائج البحوث الإضافية والتقارير الخاصة التي صدرت في غضون ذلك، أجرى الفريق العامل الأول التابع للهيئة الحكومية الدولية تقييما لحالة الفهم الجديدة في تقرير التقييم الثاني2) الذي أعده في عام 1996. وأكد التقرير أن تركيزات غازات الدفيئة مستمرة في الازدياد في الغلاف الجوي، وأنه يتعين إجراء خفض كبير للغاية في الانبعاثات لتثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي (وهو الهدف الأسمى للمادة 2 من الاتفاقية الإطارية المعنية بتغير المناخ). وعلاوة على ذلك، استمرت الزيادة العامة في درجات حرارة العالم. وحيث كانت السنوات الأخيرة هي الأشد حرارة على الأقل منذ عام 1860. وقد تحسنت قدرة النماذج الخاصة على محاكاة الأحداث والاتجاهات المرصودة وخاصة بعد إدراج الهباء الكبريتي والأوزون الستراتوسفيري باعتبارهما من عوامل التأثير الاشعاعي في النماذج المناخية. وخلص التقرير، مستخدما القدرة على المحاكاة لعقد مقارنة مع الأنماط المرصودة للتغييرات الإقليمية في درجات الحرارة، إلى أن القدرة على وضع تحديد كمي للمؤشرات البشرية في المناخ العالمي هي قدرة محدودة. وتنشأ هذه القيود لأن العلامات المتوقعة مازالت تنشأ عن ضوضاء التقلبية الطبيعية وبسبب عدم اليقين في عوامل رئيسية أخرى. ومع ذلك، خلص التقرير أيضا إلى أن "خلاصة الشواهد تشير إلى وجود تأثير بشري ملموس على المناخ العالمي ". وأخيرا، واستنادا إلى مجموعة من السيناريوهات الخاصة بتركيزات غازات الدفيئة في المستقبل، تمت محاكاة مجموعة من الاستجابات للنظام المناخي.


الشكل 1: الأسئلة الرئيسية المتعلقة بالنظام المناخي وعلاقته بالبشر. وهذا الملخص الفني الذي يستند إلى المعلومات الأساسية الواردة في الفصول عبارة عن تقرير حالة عن الإجابات الواردة في الهيكل المشار إليه.

ألف-3 تقرير التقييم الثالث : هذا الملخص الفني.

يعتمد تقرير التقييم الرئيسي الثالث الصادر عن الفريق العامل الأول التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على التقييمين السابقين، ويشمل نتائج البحوث المناخية التي أجريت خلال السنوات الخمس السابقة. ويستند هذا الملخص الفني إلى المعلومات الأساسية الواردة في الفصول والتي وضع لها إسناد مترافق مع مذكرات المصادر في المرفق. ويهدف هذا الملخص إلى وضع الجوانب الرئيسية (انظر الشكل 1) لفهم النظام المناخي وتغير المناخ في بداية القرن الحادي والعشرين. وعلى وجه الخصوص:
وأخيراً، ما هي أكثر نشاطات البحوث إلحاحا الواجب معالجتها لتحسين فهمنا للنظام المناخي وللحد من عدم اليقين الذي نشعر به إزاء تغير المناخ في المستقبل؟

ويعتبر تقرير التقييم الثالث للفريق العامل الأول التابع للهيئة الحكومية الدولية نتاج مئات من العلماء، من العالم المتقدم والنامي، الذين ساهموا في إعداده ومراجعته، وفيما يلي ملخص لفهمهم للنظام المناخي.



تقارير أخرى في هذه المجموعة