تشير عمليات التقييم المستندة إلى المبادئ الفيزيائية والمحاكاة النموذجية إلى أن من المستبعد أن تفسر التأثيرات الطبيعية وحدها الاحترار العالمي المرصود في الآونة الأخيرة أو التغييرات المرصودة في الهيكل الرأسي لدرجات حرارة الغلاف الجوي. وقد استخدمت نماذج الغلاف الجوي- المحيطات المترابطة بالكامل عمليات إعادة بناء التأثيرات الشمسية والبركانية خلال القرن إلى القرون الثلاثة الماضية لتقدير مساهمة التأثيرات الطبيعية في التقلبية والتغيرات المناخية. وعلى الرغم من أن عملية إعادة بناء التأثيرات الطبيعية غير مؤكدة، فإن إدراج تأثيراتها يؤدي إلى زيادة الفروق على النطاقات الزمنية الطويلة (متعددة العقود). ويقرب ذلك التقلبية ذات الوتيرة المنخفضة من تلك التي تستنبط من عمليات إعادة بناء المناخات القديمة. ومن المحتمل أن التأثير الطبيعي الصناعي (أي الشمسي زائدا البركاني) كان سالبا طوال العقدين الأخيرين، بل وربما العقود الأربعة الأخيرة. وتؤكد التقييمات الإحصائية أن من المستبعد أن تفسر التقلبية الطبيعية، داخلية وطبيعية الدفع الخاضعة للمحاكاة، الاحترار في النصف الثاني من القرن العشرين (انظر الشكل 15). غير أن هناك دلائل تشير إلى وجود تأثير بركاني قابل للرصد على المناخ ودلائل تشير إلى وجود تأثير شمسي على المناخ وخاصة في الجزء الأول من القرن العشرين. وحتى إذا كانت النماذج تقلل من حجم الاستجابة للتأثيرات الشمسية أو البركانية، فإن الأنماط المكانية والزمنية توجد بشكل يستحيل معه أن تفسر هذه التأثيرات بمفردها التغييرات في درجات الحرارة المرصودة طوال القرن العشرين.
الشكل 15: متوسط شذوذ درجات الحرارة السطحية في العالم بالمقارنة بمتوسط الفترة 1880 إلى 1920 من السجلات المعدة بالأجهزة مقابل تلك المستمدة من مجموعة من أربع عمليات محاكاة باستخدام نموذج مناخ محيط وغلاف جوي مترابط ومدفوع (أ) بتأثيرات شمسية وبركانية فقط (ب) بتأثيرات بشرية المنشأ بما في ذلك غازات الدفيئة حسنة المزج في أوزون الستراتوسفير والتروبوسفير، والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة لهباء الكبريت و (ج) بجميع التأثيرات الطبيعية وبشرية المنشأ. ويبين الخط السميك بيانات الأجهزة في حين تبين الخطوط الرفيعة عمليات المحاكاة النموذجية المختلفة في مجموعة الأربعة أعضاء. ويلاحظ أن البيانات تشير إلى القيم المتوسطة السنوية. ولم تجمع البيانات النموذجية إلا في المواقع التي توجد بها رصدات. وحسبت التغييرات في هباء الكبريت بصورة تفاعلية، وحسبت التغييرات في أوزون التروبوسفير بصورة غير مباشرة باستخدام نموذج للنقل الكيماوي. وحسبت التغييرات في درجة ضياء السحب (وهو أول تأثير غير مباشر لهباء الكبريت) على أساس محاكاة غير مباشرة أدرجت بعد ذلك في النموذج. وتستند التغييرات في أوزون الستراتوسفير إلى الرصدات. وتستند التأثيرات البركانية والشمسية إلى التوليفات المنشورة للبيانات المقاسة والتقريبية. وكانت التأثيرات الصافية بشرية المنشأ في 1990 تبلغ 0. 1 و م-2 متضمنة تبريد صافي قدره 0. 1 و م-2 نتيجة لهباء الكبريت. وكان التأثير الطبيعي الصافي في 1990 مقابل 1860 يبلغ 0.5 و م-2، وكان التبريد الصافي في 1992 يبلغ 2 و م-2 نتيجة لجبل بناتوبو. وتعطي النماذج الأخرى المدفوعة بالتأثيرات بشرية المنشأ نتائج مماثلة لتلك المبينة في (ب) [استنادا إلى الشكل 12.7] |
وقد وجدت جميع عمليات المحاكاة بغازات الدفيئة وهباء الكبريت التي استخدمت في دراسات الرصد أنه يتعين توفير مساهمة كبيرة بشرية المنشأ لتفسير الاتجاهات السطحية والتروبوسفيرية طوال الثلاثين عاما الأخيرة على الأقل. ومنذ صدور تقرير التقييم الثاني، توافرت بعض عمليات المحاكاة باستخدام قدر أكبر من غازات الدفيئة وبعض تمثيل تأثيرات الهباء. وقد تضمن العديد من الدراسات تمثيل صريح لغازات الدفيئة (مقابل زيادة معادلة في ثاني أكسيد الكربون). كما أدرجت بعض الدراسات التغييرات في طبقة الأوزون في التروبوسفير، ودورة كبريتية تفاعلية، وهي معالجة صريحة لدورة الكبريت التفاعلية، ومعالجة لتبعثر هباء الكبريت، وتحسين تقديرات التغييرات في أوزون الستراتوسفير. وإجمالا، فإنه على الرغم من أن رصد استجابة المناخ لهذه العوامل البشرية الأخرى يحيط به الغموض في كثير من الأحيان، فإن رصد تأثيرات غازات الدفيئة على التغيرات في درجة الحرارة السطحية طوال السنوات الخمسين الماضية كان كبيرا. وفي بعض الحالات، نفذت مجموعات من عمليات المحاكاة للحد من الضوضاء في تقديرات الاستجابة المعتمدة على الوقت. ووضعت بعض الدراسات تقديرات للفروق الموسمية في الاستجابة. وأدى عدم اليقين الذي يحيط بتقديرات علامات تغير المناخ إلى صعوبة عزو التغيير المرصود في المناخ إلى مجموعة محددة من التأثيرات الطبيعية أو التي من صنع الإنسان، إلا أن جميع الدراسات وجدت أنه يتعين توافر مساهمة بشرية كبيرة لتفسير الاتجاهات السطحية وفي طبقة التروبوسفير طوال الثلاثين عاما الماضية على الأقل.
تقارير أخرى في هذه المجموعة |